توقف الحج 40 مرة عبر التاريخ
سرد العلماء والمؤرخون توقف شعائر الحج أكثر من 40 مرة نتيجة لاضطرابات سياسية، وكوارث طبيعية، وتفشي الأوبئة، وكساد اقتصادي وغلاء معيشة، وعدم استتباب الأمن بسبب تكاثر اللصوص وقطاع الطرق. وحاليا، ومع تسارع انتشار وباء فيروس كورونا الجديد المعروف رمزا بـ 2019-nCoV، وبعدم ظهور بارقة أمل حتى الآن في احتواء الوباء، فإن تداعياته قد تستمر لفترة طويلة. ومن هنا لا بد من طرح علامات استفهام حول احتمالات قيام موسم الحج للعام 2020 في حال لم يتم احتواء المرض كليا حول العالم بحلول نهاية شهر يوليو القادم الذي يصادف بدء الشعائر المقدسة.
أهم سنوات توقف الحج:
865 م مذبحة على صعيد عرفة
الموافق 251 هـ أُبطل الحج بعد أن شهد مذبحة على صعيد عرفة حيث هاجم إسماعيل بن يوسف العلوي هو ومن معه جموع الحجاج فقتلوا منهم أعدادا كبيرة.
930 م القرامطة يسرقون الحجر الأسود
الموافق 317 هـ أغار القرامطة في جريمة بشعة على المسجد الحرام وقتلوا من فيه وسرقوا الحجر الأسود وغيبوه 22 سنة، ولم يرد إلى موضعه إلا في 339هـ حيث اعتقد القرامطة بأن الحج من شعائرالجاهلية وعبادة الأصنام.
ففي يوم التروية لعام 317 ه أغار أبو طاهر القرمطي ملك البحرين وزعيم القرامطة على مكة بينما كان الناس في إحرام واقتلع الحجر الأسود، وأرسله إلى هَجر )القطيف حاليا( وقتل عددا كبيرا من الحجاج بلغ 30 ألفا وكان يقول وهو ينفذ مذبحته «أنا بالله، وبالله أنا.. يخلق الخلق، وأفنيهم أنا »، وحاول أيضا سرقة مقام إبراهيم ولكن أخفاه السدنة. وفي 318 ه سنَّ القرامطة الحج إلى الجش بالقطيف بعدما وضع الحجر الأسود في بيت كبير وأمر القرامطة سكان منطقة القطيف بالحج إلى ذلك المكان، ولكن الأهالي رفضوا تلك الأوامر، فقتل منهم الكثير.
983 م خلافات بني العباس وبني عبيد
الموافق 372 ه قيل أنه لم يحجّ أحد من العراق من هذه السنة إلى سنة 380 ه بسبب الفتن والخلافا بين خلفاء بني العباس وخلفاء مصر بني عبيد.
1037 م حجاج من مصر فقط!
الموافق 428 هـ لم يحجّ أحد من العراق، وحجّ النّاس من مصر وغيرها.
1253 م البغداديون يعودون بعد 10 سنوات
الموافق 650 هـ عاد أهل بغداد إلى الحج بعد توقف دام 10 سنوات إثر موت الخليفة المستنصر.
1257 م لم يحج أحدا من الحجاز
الموافق 655 ه لم يحج أحد من أهل الحجاز، ولم ترفع راية من رايات الملوك لأحد بمكة.
1814 م وباء الطاعون
مات نحو 8 آلاف شخص في بلاد الحجاز بسبب الطاعون.
1831 م وباء هندي يقتل ثلاث أرباع الحجاج
الموافق 1246 ه تفشى خلال موسم الحج وباء يعتقد أنه جاء من الهند ومات بسببه ثلاثة أرباع الحجاج.
1837 م تفشي الأوبئة
شهدت مواسم الحج تفشي للأوبئة حتى 1840.
1846 م تفشي الكوليرا لعدة سنوات
تفشى وباء الكوليرا بين الحجاج وظل حاضرا في مواسم الحج حتى 1850 . ثم عاد في 1865 و 1883.
1858 م هروب من الحجاز إلى مصر
انتشر وباء شديد دفع الناس إلى الفرار من الحجاز إلى مصر التي أقامت حجرا صحيا بمنطقة بئر عنبر درءا لتفشي الأوبئة.
1864 م موت ألف حاج يوميا
موت 1,000 من الحجاج يوميا نظرا لتفشي وباء شديد الخطورة. وفي 1871 ضرب المدينة المنورة وباء اضطر مصر إلى إرسال الأطباء وبناء حجر صحي بمكة المكرمة في الطريق القادم من مكة للمدينة.
1892 م تراكم شديد لجثث الموتى
توافق تفشي وباء الكوليرا مع موسم الحج وكان شديدا، فتراكمت جثث الموتى، ولم يتسن الوقت لدفنهم، وتزايدت الوفيات في عرفات، وبلغت ذروتها في منى.
1895 م تفشي التيفوئيد
تفشى وباء يشبه حمى التيفوئيد أو الزحار انطلاق من قافلة جاءت من المدينة المنورة، واستمر بدرجة ضعيفة عند عرفات ولم ينتشر فيما بعد، وانتهى في منى.
1987 م تفشي التهاب السحايا
نتج عن مرض التهاب السحايا شديد الخطورة وسري العدوى ما لا يقل عن 10,000 إصابة.
----------------------------------------------------------------
محاولات لوقاية الحجاج من الأوبئة :
الأوبئة في تاريخ الحرم المكي وبلاد الحجاز كانت كثير جدا كما أحصاها التاريخ لشدة الازدحام وكثرة الزوار وقدومهم من مناطق مختلفة حول العالم في موسم الحج. وفي هذا الموسم تتعاظم احتمالات انتقال الأمراض التنفسية المعدية التي يمكن أن تنتقل عن طريق الرذاذ من إفرازات الجهاز التنفسي، كأمراض الانفلونز والتهاب السحايا وفيروس كورونا الحالي.
وعبر التاريخ تفشت الأمراض المعدية بين الحجاج، ولم تكن في العصر القديم هناك خدمات لمراقب ومتابعة أمراض الحجاج الذين يأتون من كل فج عميق، ولم تفرض السلطات حجرا صحيا على من يشتبه أنهم يحملون أمراضا معدية، ولم تتوفر أي خدمات للتعقيم، فحصدت الأوبئة أعدادا كبيرة من الحجاج.
القبائل تمنع الحجر الصحي والتعقيم
في 1812 سعت السلطات العثمانية وبدعم من دول أوروبية إلى إقامة مركز حجر صحي ومستشفى لمحارب تفشي الأوبئة خلال موسم الحج، حيث عانت الدول
الأوروبية من مواطنيها المسلمين الذين يعودون من الحج حاملين معهم الأوبئة وواجه هذا القرار رفضا شديدا من قبائل امتهنت نقل الحجاج بالجمال وحمل أمتعتهم، فهاجمت الحجر الصحي والمستشفى ودمرتها، بل وقتلوا وأصابوا عددا من القناصل الأوروبيين الذين وقفوا وراء ذلك المقترح الصحي وعلى رأسهم القنصل البريطاني.
ضوابط لذبح الأضحيات لم يتم تطبيقها
في 1866 بدأ تطبيق قاعدة تفرض على الحجاج تنظم أماكن ذبح الأضحيات وتوزيعها، وجهزت الحفر والخدمات لدفن جيف الحيوانات المذبوحة باعتبارها مصدرا رئيسيا لانتشار الأمراض والأوبئة، والمؤسف أن هذه التدابير الوقائية المهمة لم تؤخذ على محمل الجد ولم يتم تنفيذها. فكانت تنتشر أوبئة الكوليرا أحيانا كثيرة في وقت توافد
الحجاج، بمتوسط مرة كل 3 سنوات. فتفتك بأكثر من نصف الحجاج، وتمتد إلى أماكن ترحل البدو المجاورة وإلى أماكن آهلة أخرى في الجزيرة العربية.
الروسي دولتشين: في عرفات يبدأ التفشي
في كتابه «الحج قبل مائة عام »، أشار الرحالة والعسكري الروسي عبدالعزيز دولتشين الذي زار الحجاز بين 1898 و 1899 إلى أن الوباء يبدأ انتشاره على الأرجح عند عرفات، ويتفشى بشدة في منى. فإذا لم يشهد الوقوف في عرفات أي حالات تفشي لأوبئة يكون الأمل كبيرا أن لا يحدث وباء كليا لسنة الحج. ويقول دولتشين كان في مكة والمدينة محاجر صحية ومستشفى متنقل يتسع ل 30 مريضا، وينتقل المحجر الصحي المكي مع الحجاج إلى عرفات، ثم إلى منى، حيث يوجد مبنى خُصص من أجله، وفي هذين المكانين، كما في مكة، يغطي المستشفى الأدوية مجانا وخدمات الإسعاف عند الضرورة لكنه يصاب بالعجز كليا إذا ما تفشى وباء شديد بين الحجاج.
القبائل تدمر غرفة بخارية للتعقيم!
وشملت محاولات محاربة الأوبئة حسب كتاب دولتشين إنشاء غرفة بخارية خاصة في مكة لتعقيم ألبسة وأمتعة الحجاج العائدين من منى. ومرة أخرى دمرت قبائل هذه الغرفة بمجرد انتهاء تشييدها لرفضهم أي قيود تؤثر على عمليات تجارتهم في نقل
الحجاج وحمل أمتعتهم.
تعليقات
إرسال تعليق